1
آذَنَتْنا ببَيْنهِا أَسْمَاءُ
ربَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ اُلْثَّوَاءُ
2
بَعْدَ عَهْدٍ لَنَا بِبُرْقَةِ شَمّا
ءَ فَأَدْنَى دِيَارِهَا اٌلْخَلْصاءُ
3
فَالُمحَيَّاةُ فالصِّفاحُ فَأَعْنا
قُ فِتَاقٍ فَعادِبٌ فَالْوَفَاءُ
4
فَرِياضُ اُلْقَطَا فأوْدِيَةُ الشُّرْ
بُبِ فالشُّعْبَتَانِ فالأَبْلاءُ
5
لا أرى مَنْ عَهِدْتُ فيهَا فأبكي اٌلْـ
ـيَوْمَ دَلْهاً وَمَا يُحِيرُ اُلْبُكَاء
6
وَبِعَيْنَيْكَ أَوْقَدَتْ هِنْدٌ اُلْنَّا
رَ أَخِيراً تُلْوِي بِها اُلْعَلْيَاءُ
7
فَتَنَوَّرْتُ نَارَهَا مِنْ بَعيدٍ
بِخَزَازَى هَيْهاتَ منْكَ الصَّلاءُ
8
أوْقَدَتْها بَينَ اُلْعَقِيقِ فَشَخْصَيْـ
نِ بِعُودٍ كما يَلُوحُ الضٍّيَاءُ
9
غَيْرَ أَنّي قَدْ أَسْتَعِينُ على اٌلَهْمٍّ
إذا خَفَّ بالثَّوِيٍّ النٍّجاءُ
10
بِزَفُوفٍ كَأُنَّهَا هقْلَةٌ أُمُّ
رئَالٍ دوِّيَّةٌ سَقْفاءُ
11
آنَسَتْ نَبْأَةَ وَأفزَعَها الْقُـ
ـّناصُ عَصْراً وقَدْدَنَا الإِمْساءُ
12
فَتَرَى خَلْفَهَا مِنَ الرَّجْعِ وَالْوَ
قْعِ مَنِيناً كأَنَّهُ إِهْبَاءُ
13
وَطِراقاً مِنْ خَلْفِهِنَّ طِراقٌ
سَاقِطَاتٌ أَلْوَتْ بها الصَّحْراءُ
14
أَتَلَهَّى بها الَهوَاجِرَ إِذْ كُلَّ ابْـ
ـنِ هَمٍّ بَلِيَّةٌ عَمْياءُ
15
وَأَتَانَا مِنَ الْحَوَادِثِ وَالأَنْبَا
ءٍ خَطْبٌ نُعْنَى بِهِ وَنسَاءُ
16
إِنَّ إِخْوَانَنَا الأَرَاقِمَ يَغْلُو
نً عَلَيْنا، في قِيلِهِمْ إِحْفاَءُ
17
يَخْلِطُونَ الْبَرِيءَ مِنَّا بذِي الذَّنْـ
ـبِ وَلا يَنْفَعُ الْخَليَّ الْخَلاءُ
18
زَعَمَوا أَنَّ كُلَّ مَنْ ضَرَبَ الْعَيْـ
ـرَ مُوَالٍ لَنَا وَأَنَّا الْوَلاءُ
19
أجْمَعُوا أمْرَهُمْ عِشَاءَ فلَمَّا
أَصْبَحُوا أَصْبَحَتْ لُهمْ ضَوْضَاءُ
20
مِنْ مُنادٍ وَمِنْ مُجِيبٍ وَمِنْ تَصْـ
ـهالِ خَيْلٍ خِلالَ ذاكَ رُغَاءُ
21
أَيُّهَا النَّاطِقُ الُمرَقِّشُ عَنَّا
عِنْدَ عَمْرٍو وَهَلْ لِذَاكَ بَقَاءُ
22
لا تَخَلْنَا على غَرَاتِكَ إنَّا
قَبْلُ ما قَدْ وَشَى بِنَا الأعْدَاءُ
23
فَبَقِينا على الشَّنَاءَةِ تَنْمِيـ
ـنا حُصُونٌ وَعِزَّةٌ قَعْساءُ
24
قَبَلَ ما الْيَوْمِ بَيَّضَتْ بعُيُونِ النـ
ـاسِ فيهَا تَغَيُّظٌ وَإِبَاءُ
25
وَكأَنَّ الَمنُونَ تَرْدِي بنَا أَرْ
عَنَ جوْناً يَنْجَابُ عَنْهُ الْعَماءُ
26
مُكْفَهِرّاً على الَحوَادِثِ لا تَرْ
تُوهُ للدَّهْرِ مُؤَيَّدٌ صَمَّاءُ
27
أَيُّما خُطَّةٍ أَرَدْتُمْ فَأَدُّوهـَ
ـا إِلَيْنَا تُشْفَى بها الأمْلاءُ
28
إِنْ نَبَشْتُمْ ما بَيْنَ مِلْحَةَ فَالصَّا
قِبِ فِيهِ الأَمْوَاتُ وَالأحْياءُ
29
أَوْ نَقَشْتُمْ فالنَّقْشُ يجْشَمُهُ النَّا
سُ وَفِيهِ الإِسْقَامُ وَالإِبْرَاءُ
30
أَوْسَكَتُّمْ عَنَّا فكُنَّا كَمنْ أَغْـ
ـَمضَ عَيْناً في جَفْنِهَا الأَقذَاءُ
31
أَوْ مَنَعْتُمْ مَا تُسْأَلُونَ فَمنْ حُدِّ
ئْتُمُوهُ لَهْ عَلَيْنَا الْعَلاءُ
32
هَلْ عَلِمْتُمُ أَيّامَ يُنتَهَبُ الْنا
سُ غِوَاراً لِكُلِّ حَيِّ عُوَاءُ
33
إِذْ رَفَعْنَا الجِمالَ مِنْ سَعَفِ البَحْـ
ـرَينِ سَيْراً حتَّى نَهاهَا الحِساءُ
34
ثم مِلْنا على تَميمٍ فأَحرَمْـ
ـنا وَفِينا بَنَاتُ قَوْمِ إِمَاءُ
35
لا يُقيمُ الْعزِيزُ بالبَلَدِ السَّهْـ
ـلِ وَلا يَنْفَعُ الذَّلِيلَ النَّجَاءُ
36
لَيْسَ يُنْجِي الّذِي يُوَائِلُ مِنا
رَأُسُ طَوْدٍ وَحَرًَّةٌ رَجْلاءُ
37
فَملَكْنا بذلكَ النّاس حتّى
مَلَكَ المنْذِرُ بنُ ماءِ السَّماءُ
38
مَلِكٌ أَضْرَعَ الْبَرِيَّةَ لا يُو
جَدُ فِيها لِما لَدَيْهِ كِفَاءُ
39
فاْترُكوا الطَّيْخَ والتعاشِي وَإِمَّا
تَتَعَاشَوْا فَفي التَّعاشِي الدَّاءُ
40
وَاذكُرُوا حِلْفَ ذي الَمجازِ وما قدِّ
مَ فيهِ الْعُهُودُ وَالْكُفَلاءُ
41
حَذَرَ الَجوْرِ وَالْتَّعَدِّي وَهَلْ يَنْـ
ـقُضُ ما في الَمَهارِقِ الأَهوَاءُ
42
وَاعْلَمُوا أَنَّنا وَإِيَّاكُمْ فِيـ
ـمَا اشْتَرَطْنا يَوْمَ اخْتَلَفْنا سَوَاءُ
43
عَنَناً باطِلاً وَظُلْماً كما تُعْـ
ـتَرُ عَنْ حُجْرَةِ الرَّبيضِ الْظِّباءُ
44
أَعَلَيْنا جُناحُ كِنْدَةَ أَنْ يَغْـ
ـنَمَ غازِيهِمُ وَمِنَّا الجَزَاءُ
45
أَمْ عَلَيْنا جَرَّى إِيَادٍ كما نِيـ
ـطَ بِجَوْزِ الُمحَمَّلِ الأَعبَاءُ
46
أَمْ عَلَيْنا جَرَّى قُضاعَةَ أَمْ لَيْـ
ـسَ عَلَيْنا فيما جَنَوْا أَنْدَاءُ
47
أَمْ جَنَايَا بَني عَتيقٍ فَإنَّا
مِنْكُمُ إِنْ غَدَرْتُمْ بُرَآءُ
48
وَثَماُنون مِنْ تَمِيمٍ بِأَيْدِيـ
ـهِمْ رِمَاحٌ صُدُورُهُنَّ الْقَضاءُ
49
ثمَّ جَاؤوا يَسْتَرْجعُونَ فَلَمْ تَرْ
جِعْ لَهُمْ شَامَةٌ وَلا زَهْرَاءُ
50
لَيْسَ مِنَّا الُمَضَّربُونَ وضلا قَيْـ
ـسٌ وَلا جَنْدَلٌ وَلا الحَذَّاءُ
51
تَرَكُوهُمْ مُلَحَّبِينَ وآبُوا
بِنهَابٍ يَصُمُّ مِنْها الحُدَاءُ
52
أمْ عَلَيْنا جَرَّى حَنيفَةَ أَمْ مَا
جَمَّعَتْ مِنْ مُحارِبٍ غَبْرَاءُ
53
لَمْ يُحِلوا بَني رِزَاحٍ بِبَرْقَا
ءِ نِطاعٍ لَهُمْ عَلَيْهمْ دُعَاءُ
54
ثُمَّ فَاؤوا مِنْهُمْ بِقَاصَمةِ الظَّهْـ
ـرِ وَلا يَبْرُدُ الْغَلِيلَ الَماءُ
55
مَا أَصَابُوا مِنْ تَغْلِبِّي فَمطُلو
لٌ عَلَيْهِ إِذا أُصِيب الْعَفَاءُ
56
كَتَكاليفِ قَوْمِنا إِذْ غَزَا الُمْنـ
ـذِ رُهَلْ نَحْنُ لاْ بنِ هِندٍ رِعَاءُ
57
إِذْ أَحَلَّ الْعَلْيَاءَ قُبَّةَ مَيْسُو
نَ فَأدْنَى دِيَارِها الْعوصَاءُ
58
فَتَأَوَّتْ لَهُ قَرَاضِبَةٌ مِنْ
كُلِّ حَيِّ كَأَنهُمْ أَلْقَاءُ
59
فَهدَاهُمْ بالأَسْوَدَيْن وَأَمْرُ اللّـ
ـهِ بِلْغٌ تَشْقَى بِهِ الأَشْقيَاءُ
60
إذْ تَمَّنوْنَهُمْ غُرُوراً فَسَاقَتْـ
ـهُمْ إِلَيْكُمْ أُمْنِيَّة أَشْراءُ
61
لَمْ يَغُرُّوكُمُ غُرُوراً وَلكِنْ
رَفَعَ الآلُ شَخْصَهُم وَالْضَّحَاءُ
62
أَيُّها الناطِقُ الُمَبلِّغُ عَنا
عندَ عَمْرٍو وَهَلْ لذَاكَ انْتِهَاءُ
63
إِنّ عَمراً لَنا لَدَيْهِ خِلالٌ
غَيْر شَكِّ في كُلِّهنَّ البَلاء
64
مَلِكٌ مُقْسِطٌ وَأَفْضَلُ مَنْ يَمـْ
ـشي وَمِنْ دُونِ مَا لَدَيْهِ الثَّنَاءُ
65
إِرَمِيٌّ بِمثْلِهِ جَالَتِ الْخَيْـ
ـلُ وَتَأْبَى لَخصْمِهَا الإِجْلاءُ
66
مَنْ لَناِ عِندهُ مِنَ الَخْيْرِ آيا
تٌ ثلاثٌ في كِّلهِنَّ الْقَضَاءُ
67
آيَةٌ شَارِقُ الْشَّقِيقَةِ إِذْ جَا
ءَتْ مَعَدٌّ لِكُلِّ حَيِّ لِوَاءٌ
68
حَوْلَ قَيْسٍ مُسْتَلْئِمِين بَكَبْشٍ
قَرَظِي كَأَنّهُ عَبْلاءُ
69
وصَيتٍ مِن الْعواتِكِ لا تَنـ
ـهَاهُ إِلا مُبْيَضَّةُ رَعْلاءُ
70
فَرَددْنَاهُمُ بطعْنٍ كما يَخْـ
ـرُجُ مِنْ خُرْبَةِ الَمزادِ الَماءُ
71
وحَمَلْنَاهُمُ على حَزْمِ ثَهْلا
نَ شِلالاً وَدُمِّيَ الأَنْسَاءُ
72
وجَبَهْناهُمُ بطعْنٍ كما تُنْـ
ـهَزُ في جَمَّةِ الطّوِيِّ الدِّلاءُ
73
وفَعلْنا بِهِمْ كما عَلَمِ اللهُ
ومَا إِنْ للحَائِنينَ دِمَاءُ
74
ثُمَّ حُجْراً أَعْني ابنَ أُمِّ قَطامٍ
ولَهُ فَارِسِيَّةٌ خَضْرَاءُ
75
أَسَدٌ في اللِّقاءِ وَرْدٌ هَمُوسٌ
ورِبيعٌ إِنْ شَمَّرَتْ غَبْرَاءُ
76
وفَكَكْناُ غُلَّ امرِىءِ القيسِ عنْـ
ـهُ بَعْدَما طَالَ حَبْسُهُ والْعناءُ
77
وأَقَدْنَاهُ رَبَّ غَسَّانَ بالُمنْـ
ـذِرِ كَرْهاً إِذْا لا تُكالُ الدِّماءُ
78
وأَتَيْناهُمُ بِتِسْعَةِ أَمْلا
كٍ كِرَامٍ أَسْلابُهُم أَغْلاءُ
79
ومَعَ الجَوْنِ جَوْنِ آلِ بَني الأَوْ
سِ عَنُودٌ كأَنّها دَفُوَاءُ
80
مَا جَزٍعُنا تَحْتَ الْعُجاجَةِ إِذا وّلـ
ـوا شِلالاً وَإِذْ تَلظَّى الصَّلاءُ
81
وَولَدْنا عَمْرو بنَ أُمِّ أُنَاسٍ
مِنْ قَريبٍ لَما أَتَانا الحِبِاءُ
82
مثْلُها تُخْرِجُ النصيحةُ للقَوْ
مِ فَلاةٌ مِنْ دُونِها أَفْلاءُ
83
ثُمَّ خَيْلٌ مِنْ بَعدِ ذاكَ الْغَلاّ
قِ لا رأْفَةٌ وَلا إِبْقاءُ
84
وَهو الرَّبُّ والشَّهِيدُ على يَوْ
مِ الِحيَارَينِ وَالْبلاء بَلاءُ








عن المعلقة
ظليم بن حلزّة اليشكري ، من عظماء قبيلة بكر بن وائل ، كان شديد الفخر بقومه حتى ضرب به المثل فقيل : أفخر من الحارث بن حلزة ، ولم يبق لنا من أخباره إلا ما كان من أمر الاحتكام إلى عمرو بن هند سنة ( 554 ـ 569 ) لأجل حل الخلاف الذي وقع بين القبيلتين بكر و تغلب توفي سنة 580 للميلاد أي في أواخر القرن السادس الميلادي على وجه التقريب . أنشد الشاعر هذه المعلقة في حضرة الملك عمرو بن هند رداً على عمرو بن كلثوم و قيل أنه قد أعدّها و روّاها جماعة من قومه لينشدوها نيابة عنه لأنه كان برص و كره أن ينشدها من وراء سبعة ستور ثم يغسل أثره بالماء كما كان يفعل بسائر البرص ثم عدل عن رأيه و قام بإنشادها بين يدي الملك و بنفس الشروط السابقة فلما سمعها الملك و قد وقعت في نفسه موقعاً حسناً أمر برفع الستور و أدناه منه و أطمعه في جفنته و منع أن يغسل أثره بالماء ... كان الباعث الأساسي لإنشاد المعلقة دفاع الشاعر عن قومه و تفنيد أقوال خصمه عمرو بن كلثوم ـ تقع المعلقة في ( 85 ) خمس و ثمانين بيتاً نظمت بين عامي ( 554 و 569 ) . شرحها الزوزني ـ و طبعت في اكسفورد عام 1820 ثم في بونا سنة 1827 و ترجمت إلى اللاتينية و الفرنسية و هي همزية على البحر الخفيف تقسم المعلقة إلى : 1 ـ مقدمة : فيها وقوف بالديار ـ و بكاء على الأحبة و وصف للناقة ( 1 ـ 14( 2 ـ المضمون : تكذيب أقوال التغلبيين من ( 15 ـ 20 ) عدم اكتراث الشاعر و قومه بالوشايات ( 21 ـ 31 ) مفاخر البكريين ( 32 ـ 39 ) مخازي التغلبيين و نقضهم للسلم ( 40 ـ 55 ) استمالة الملك ـ ذكر العداوة ( 59 ـ 64 ) مدح الملك ( 65 ـ 68 ) خدما البكريين للملك ( 69 ـ 83 ( القرابة بينهم وبين الملك ( 84 ـ 85 ( . قيمة المعلقة : هي نموذج للفن الرفيع في الخطابة و الشعر الملحمي و فيها قيمة أدبية و تاريخية كبيرة تتجلى فيها قوة الفكر عند الشاعر و نفاذ الحجة كما أنها تحوي القصص و ألواناً من التشبيه الحسّي كتصوير الأصوات و الاستعداد للحرب و فيها من الرزانة ما يجعلها أفضل مثال للشعر السياسي و الخطابي في ذلك العصر . و في الجملة جمعت المعلَّقة العقل و التاريخ و الشعر و الخطابة ما لم يجتمع في قصيدة جاهلية أخرى